شباب الثورة

 غارقون في مستنقع الحرية

شباب الثورة
شباب الثورة


نَحن الشَّبابُ الذِّينَ وُلِدنَا فِي فَترَة إنتِقالِيَّة عَسيرَةٍ. وُلِدنَا شَاهدِينَ عَلى الطُّغاةِ و الفَاسدِين و المُفسدِين و الحَالمِين و لكِنَّنا علَى اختِلافِ مبَادئِهم و عَلى تَبَاينِ خِطابَاتهم ثَقفْنا فِيهم نَفسَ النَّظرةِ وَ رَأينَا فِيهِم نفْسَ الشَّخصِ. رُعاةٌ يَستَفزَّون رَعايَاهم و يُحرقُونَ كرَامتهُم فِي مَحارقَ جَماعيَّة و يُمارِسونَ علَى كلٍّ من العَدلِ و المُسَاواة إِبادَة جَماعِيَّة. نَحنُ المهزُوزُون اللذِين لَم يُتَح لَهم أَن يَترَعرعُوا عَلى المبدأ الوَاحدِ و القِيمَة الواحدَة بَل كَبُرنَا نَتدَحرجُ بَين المبدإ و نَقيضِه و بين القيمَة و مُبطِلتِها فالمبْدأُ الثَّابتُ الوَحيدُ فِي حِقبتِنا الزَّمنِيّة هُو أَنَّ مصْلحَة الدَّولةِ فَوق كُلِّ القِيم. و لَكن - و كَما نعلـم جمِيعًا - الدَّولة في النِّهاية مصْطَلحٌ مَعنَويّ بحتٌ يُقصَدُ بِه مَصلَحةُ النِّظامِ القَائمِ عَلى الدَّولةِ. عِندَ هذِه النُّقطَة يترَاءى لَنا الحَقّ مِن ورَاء حجَاب؛ كُلُّ المبَادئ و القِيمِ التِّي بنِيتْ عَلى الحَقّ و بَنتْ الدَّولةَ قَابِلةٌ للتَّعدِيل و الدَّحضِ و التَّغييرِ حَسبَ الزَّمانِ و المَكانِ و حَسبَ مُرسِي النُّظمِ الدوَليَّة. 
نَحنُ الشبَاب اللذِين كَبرْنا عَلى حُبِّ الوَطنِ عِندما صَار الوَطنُ هَشيمًا و فَتحنَا أَعيُننَا عَلى الحُرِيَّة فِي حِين أَنَّ حُريَّثنا مُقيَّدةٌ. نَحْنُ مَن سنُضطَرُّ لِمحَاربَة وحشِ السُّلطَة الذّي خَلقهُ أجْدادُ أجدادِنا و رَبّاهُ أبنَاؤهم و احتَواه أجدَادنا حَتَّى تعَملقَ فِي عهْد آبائِنا و تَضخَّم و صَار عَصيًّا عَلى الرَّدعِ، فَنَحنُ اليَوم نأكُل ثِمارَ شجَرةِ الخوفِ التِّي زرعهَا الأوَّلون و نَشُمُّ عَبقَ الجَهلِ من يَاسمِينٍ هَرمٍ كَانوا قَد غرسُوه بَل و نُسقَى مِن أثدَاء أُمَّهاتٍ جُبلنَ على الإنْصيَاع و كَان أعظمُ حَدثٍ قدْ قَاطعَ كَبتَهنَّ هوَ امتدَاد يدِ "المنقِذ" لتَحريرهنَّ مِن السِّفسارِي بذَات اليَد التِّي بَاعتْ أَرضَنا و أَرسَت بَينَ الإِخوةِ وَادٍ من التَطرُّف و العُنصُريَّة. 
نَحنُ جِيلٌ لَا نُدركُ يَقِينًا أَ نـحنُ فِي زمَن الجَهلِ و العجْز و الخَوفِ أم أَنَّنا عَلى مَشَارفِ الإِزدهَار و الحُريَّة و الرُقِيِّ الأَخلَاقِيّ. لَا مؤَشِّراتٍ تَدُلُّ عَلى النَّصرِ و لَا بَوصَلةَ تشِيرُ إلى المينَاء ؛ نَحنَ فِي زمنِ التَّذَبذبِ نَستَهلِك الجَهلَ و الإِحبَاطَ فِي صُورةِ العِلمِ و الأَملِ دافِعينَ أَعمَار وَالدِينا و أَنفسَنَا ثَمنًا لِهذه الصَّفقةِ "الرَّابحَة".

بقلم وفاء الهذلي


تعليقات