شباب في ربيع العمر قامت لديهم القيامة و نفخ في صورهم نفختان، شباب وطن تعجيزي قائم على المغالاة في الإحباط و صنع القيود في زمن التحرر. نعيش العبودية كأفراد و كمجموعات، كشعب و كأمم. نحمل في عروقنا مصل التبعية و التطبيع.
و إن كان الوصف لا يجدي و الأمثلة لا تصور الواقع المرير الذي نتجرعه في كل يوم، في كل ساعة، في كل شهيق و زفير فإنني سأحاول نقل أحداث عجيبة لا تحدث في غير وطني و إن كان لدي تحفظ على مفهوم الوطن هذه المرة: نحن نتقدم لوظيفة خلقت لشباب ما دون الخمس و عشرين سنة و لكنهم يطلبون خمس سنوات من الخبرة و شهادة جامعية.
نحن من يطلب منا أن نحرر فلسطين و أن ننهض بدويلاتنا في حين أن العقبات قد قضت على صحتنا النفسية.
نحن صنعنا في مناخ من الهشاشة و الليونة ليقع تقييمنا في مناخ يتطلب الحدة و القوة.
ترعرعنا في بيئة يملؤها النفاق؛ الكل يريد أن يربي أبناءه على حسن الخلق و الأدب و أن يعلم بناته الحياء و لكنه يفقد السيطرة على عينيه كلما بدت له أنثى تعرت من حياءها، و يفقد السيطرة على كله إذا ما تعثر بصره بسافرة متبرجة بدا على عودها التراخي. تراه يتودد و إن كان أقرب للموت من الحياة، و يرجو الوصل أو حتى الإهانة ما دامت ستفتح بابا للكلام معهن، لينا في كلماته معهن مطواعا خدوما و إذا التقى بغير السافرة التي لا تتملق و لا يشدو فمها بالمجاملات الخاوية و الإيحاءات المغرية فإنه ينقلب وحشا رجعيا شرقيا لا يعترف بالحوار ولا بالحقيقة ولا بالباطل غير أنه يبدي نفورا يستعصي على الرنين المغناطيسي حله.
نحن نهادي و نعادي نفس الشخص حسب مكانته و دخله فإذا فقد في حادثة مؤلمة جاهه قد يفقد إثره أطنانا و أطنانا من البطون الجائعة و ملايينا من الكلاب التي تعوي خلفه.
هنا الوطن الذي يخرج فيه قائد طائفة ما ليصرح " نحن ضد الطائفية"
هنا الدولة التي تمنع بيوت الله أن يذكر فيها اسمه و تروج الكحول و تعفو عن متعاطي المخدرات.
نحن هنا اللاشيء في إطار من ذهب.
بقلم وفاء الهذلي
تعليقات
إرسال تعليق