قاتل الأحلام

التعليم في العالم الثالث 

قاتل الأحلام 

أنا أحدثكم من القاع، من جوف أرض الرذائل. هنا، حيث الأحلام محرمة و الإبداع معصية. هنا حيث الذنوب حسنات و الحسنات ذنوب. أنا أحدثكم من أرض زرعت فيها أحلامي  بذرات من أمل فحصدتها خيبة مؤذية. هنا كل الأراضي تزرع أحلاما بيد أنها كلها بو.
تخيل أن فؤادي كان ينبض طموحا و لكنني ترعرعت في وطن جنسيته ذل و علمه فشل و ترابه فقر و نظامه عدل! أجل، عادل نظامنا في توزيع المآسي، في توزيع المصائب و النائبات.
بدأنا صغارا نتعلم أن ندرس، فقط ندرس ولا وقت لشيء آخر. فدرسنا و ترسخت هذه الفكرة المتخلفة في لب عقولنا و صرنا نضحي بأنفسنا و بملذاتنا في سبيل النجاح المزيف 
ارتبط لدينا مفهوم الدراسة بالشهادة و الشهادة بالعمل و العمل بالمال و المال بالرفاه و الإستقلال. و هكذا صرنا عبيدا لا طالبي علم و لا ناهلين من عيون المعرفة.  صرنا مساجينا للأحرف، مساجينا للمستقبل الذي يتآكل أمامنا دون أن نعي ذلك. و خير مثال يضرب هو أن منا من يؤجل كل الحياة لغده في سبيل أن يدرس ليومه فيمضي يومه و يلحقه غده حاملا المنية على كفه. فنت حياتنا بين الكتاب المكروه و القلم المفروض و الحبر الذي يسيل حاملا كرها و يأسا. مضت أعمارنا على طرق المدرسة فالمعهد فالكلية فالعمل و على هذه الطرق أضعنا أنفسنا و أطعمنا مواهبنا لإحدى الطيور الجائعة و سرقت منا سعادتنا
لقد نجحنا في الفشل يا نفسي. لقد وهبتك للوطن لأصقل موهبتك فاستلمت شيئا لا يشبهني عوضا عنك. إن مصيبتي فيك عظيمة و لا عزاء عندنا للفشلة

بقلم وفاء الهذلي


تعليقات